تستعد السلطات الأمريكية حالياً لبدء توزيع جزء من الأموال التي خصصها قانون “الرقائق والعلوم”، لدعم انتقال مصانع الرقائق العالمية إلى الأراضي الأميركية، وذلك توازياً مع الذكرى السنوية الأولى لإقرار القانون. محاولة لاسترجاع دور الولايات المتحدة الأمريكية الريادي في هذه الصناعة المستقبلية الهامة جدا.
وكان الكونغرس الأميركي قد سن إقتراح “الرقائق والعلوم” ووقعه الرئيس جو بايدن وأصبح بذلك قانوناً نافذاً في 9 أوت من العام الماضي، حيث تم بموجبه تخصيص مبلغ 280 مليار دولار أميركي، كحزم دعم لتعزيز البحث المحلي، وتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة على مدى 10 سنوات. وتعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إنفاق حزمة قيمتها 39 مليار دولار، وقروض وضمانات قروض أخرى بقيمة 75 مليار دولار، وذلك للشركات التي لبت المعايير والشروط للاستفادة من الدعم الذي يقدمه قانون “الرقائق والعلوم”، وأبرزها عدم قيام الشركات المستفيدة من التمويل، بزيادة إنتاجها أو توسيع مجال تصنيعها في الصين.
هذا وقد أعلنت العديد من شركات تصنيع الرقائق الأمريكية عن استثمارات تزيد قيمتها عن 200 مليار دولار في البلاد، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن مصانع الرقائق في أميركا ستكون قادرة في عام 2025 على تأمين نحو 18 بالمئة من الإنتاج العالمي للرقائق المتطورة.
وحالياً تنفق شركة TSMC التايوانية العملاقة نحو 40 مليار دولار على بناء مصنعين في ولاية أريزونا الأميركية، فيما تستثمر شركة سامسونغ الكورية الجنوبية قرابة الـ 17 مليار دولار لتصنيع رقائقها في تكساس. هذا بالإضافة إلى شركة ستنفق شركة إنتل، التي ستنفق مبلغ 40 مليار دولار على بناء أربعة مصانع في أريزونا وأوهايو.
وقال الخبير في التحول الرقمي “ربيع سعادة” لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية إن الشركات وجدت أنها ستواجه تحديات أساسية قد تؤثر على أرباحها المستقبلية، وتتلخص هذه التحديات حسب “سعادة” في النقاط التالية:
– الوقت المستغرق لبناء المصانع في الولايات المتحدة يقدر بنحو 900 يوماً، مقارنة بـ 650 يوماً في تايوان والصين، حيث يعود سبب البطء في عمليات إنشاء المصانع في أميركا، إلى البيروقراطية في إنجاز المعاملات، إذ يجب على الشركات التنقل عبر مجموعة كبيرة من اللوائح الفيدرالية، وحكومات الولايات، والحكومات المحلية، مما يزيد متوسط الوقت المخصص لإكمال عملية البناء إلى أكثر من 900 يوماً.
– التكلفة التشغيلية المرتفعة بسبب كلفتي بناء المصانع والأجور، حيث أن كلفة بناء معمل جديد في أميركا أعلى بنحو 40 بالمئة مما هي عليه في آسيا، في حين أن النفقات التشغيلية السنوية للمعامل في أميركا، أعلى بنسبة 30 بالمئة مقارنة بآسيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أجور العمال الأميركيين.
– حجم المصانع في الولايات المتحدة الأميركية أصغر من مثيلاتها في آسيا، ما يعني أن الطاقة الإنتاجية للمعامل في أميركا، ستكون أقل من تلك الموجودة في آسيا وما يزيد الأمور تعقيداً في هذه النقطة، هو الصعوبة التي تواجهها الشركات في العثور على عدد كاف من العمال، ذوي الخبرة في صناعة أشباه الموصلات.
ويرى سعادة أن هذه التحديات الثلاثة ستنعكس ارتفاعاً بأسعار الرقائق الإلكترونية المصنعة في الولايات المتحدة مقارنة مع مثيلاتها المصنعة في آسيا، في وقت يبدو فيه الطلب على الرقائق في تراجع، على الأقل في المدى القصير، وهو ما قد تكون له عواقب على ربحية الصناعة على المدى الطويل.