على هامش مؤتمر “كوب 28” المنعقد في دبي، عقد البنك الدولي جلسة خاصة تهتم بشح المياه في البلدان العربية، وسبل مواجهتها عبر مشروعات تنموية في عدد من الدول الأكثر تأثراً بالأزمة. ومنذ انتهاء قمة المناخ السابقة “كوب 27” التي عقدت في مصر، قام البنك الدولي حتى الآن بحشد موارد كبيرة تبلغ 800 مليون دولار لتقديم مساندة مباشرة لتنفيذ توصيات التقارير القُطرية عن المناخ والتنمية، التي تعالج شح المياه.
الوكالات
وقد تصدت المشروعات في كل من المغرب (350 مليون دولار) والأردن (250 مليون دولار) ولبنان (200 مليون دولار) بشكل مباشر للتحديات المعروفة والناشئة المرتبطة بالمناخ، التي تمت دراستها في هذه التقارير. وتلبي هذه المشروعات الاحتياجات الحرجة للتكيف والقدرة على الصمود، مع إجراءات تدخلية تهدف تحديداً إلى تدعيم حوكمة المياه والمؤسسات المرتبطة بها، وتحسين الاستدامة المالية لقطاع المياه، ومساندة الزراعة المراعية للظروف المناخية، لا سيما في تعزيز كفاءة الري وإنتاجيته، وتوسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة لدعم التوسع في معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها.
وتشير دراسات البنك الدولي إلى أن البلدان التي اكتملت تقارير المناخ والتنمية الخاصة بها في المنطقة حتى الآن، وهي مصر والعراق والأردن والمغرب وتونس، قد تشهد خسائر حقيقية في إجمالي ناتجها المحلي تتراوح بين 1.1 و6.6 في المائة بحلول منتصف هذا القرن. وبالرغم من أن هذه الآثار تختلف من بلد إلى آخر، فإن الأمن المائي يُعد المحرك الرئيسي لهذه الخسائر.
وبحسب هذه الدراسات، فإنه في حال عدم التحرك بشكل عاجل لعلاج الأزمة، فمن المتوقع أن يشكل شح المياه 71 في المائة من الخسائر في إجمالي الناتج المحلي المرتبط بالمناخ في تونس بحلول عام 2050. فيما قد ينخفض توافر المياه إلى 9 في المائة على مدار العام في لبنان، مرشحة لبلوغ 50 في المائة في موسم الجفاف بحلول عام 2040. وتؤكد هذه الأرقام الحاجةَ الملحة إلى بذل جهود شاملة لإدارة الموارد المائية والحفاظ عليها.
وفي جلسة خاصة عقدها البنك الدولي حول الموارد المائية، شارك بها وزراء من كل من تونس والمغرب والأردن، جرت مناقشة أبعاد القضية وتطوراتها. وأوضحت وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي أنه يجري حالياً العمل في العديد من الحلول المبتكرة والمستدامة لتحسين إدارة الموارد المائية في تونس، مشيرةً إلى الأهمية القصوى للتعاون الدولي والتضامن في مواجهة هذا التحدي العالمي. كما أكدت الوزيرة على ضرورة تبني استراتيجيات متعددة الأطراف تركز على الابتكار والتكنولوجيا وتعزيز الوعي البيئي، وثمنت الوزيرة الجهود المبذولة وأكدت على ضرورة الالتزام المشترك لمواجهة تحديات المياه والبيئة.
بدوره، دعا وزير المياه والري الأردني المهندس رائد أبو السعود إلى تعزيز أوجه التعاون العالمي المشترك وتنسيق الجهود العالمية لمواجهة أثار المناخ، والإسراع بإيجاد حلول لقضايا المياه المشتركة.
.
وتحدث عن الانخفاض الحاد في حصة الفرد في الأردن إلى أقل من 61 متراً مكعباً سنوياً، والزيادة السكانية، وتدفقات اللاجئين، وتأمين المياه لجميع الاستخدامات من عدم توفر مصادر سطحية وبعد المصادر المتاحة عن مراكز المدن. وأشار إلى أن الأردن نفذ مشروع الديسي لتأمين 100مليون متر مكعب سنوياً، ولكن أزمة تدفق اللاجئين السوريين فاقمت من التحديات.
وقال: «إننا نعمل حالياً بقوة للإسراع بتنفيذ مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر بطاقة 300 مليون متر مكعب سنوياً»، لافتاً إلى أن مشاركة القطاع الخاص تسهم في تعزيز رفع كفاءة استخدام المياه، وكذلك برامج التوعية للأطفال وطلبة المدارس، بهدف تغيير السلوك مع تشديد حملات ضبط الاعتداءات.
من جانبه، أشار وزير التجهيز والماء المغربي نزار بركة، إلى استراتيجية بلاده في مواجهة شح المياه، موضحاً أن المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة موجات جفاف متتالية خلفت تأثيراً على توفر الماء الصالح للشرب.
وأشار الوزير إلى أن المغرب طوّر استراتيجية مركزة متعددة المحاور، تشمل تشييد سدود تصل قدرة تخزينها حالياً إلى نحو 20 مليار متر مكعب، وتستهدف بلوغ 27 مليار مكعب. كما تشمل الاستراتيجية تطوير المياه غير التقليدية من خلال برنامج تحلية المياه، عبر بناء أكثر من عشر محطات لتحلية مياه البحر، سترفع قدرة الإنتاج من 140 مليون متر مربع إلى 1.5 مليار متر مربع في 2030، مشيراً إلى أن هذه المحطات تعمل بالطاقة التي تولدها هذه الموارد المتجددة، مما سيسمح بتقليص كلفة الإنتاج.
أما فيما يخص تدوير المياه، فقد أكد الوزير طموح المغرب الى مضاعفة قدرة إعادة استعمالها بثلاث مرات بين 2021 و2027. وأشار بركة إلى العديد من الابتكارات في المجال الفلاحي، من خلال تقنية الري بالتنقيط، وتطوير السبل الموفرة للمياه، والمحافظة على المياه الجوفية.